عَصِّــيرٌ مِنْ نـُحَاس

أمي

لقد طال الفراق
واشتاق حضني للعناق
واغتم قلبي يبتغي قرباً ليلتئم الوفاق

وبكـي سأحلم كل يومٍ
وأترك الأحلام تشتعل التهاباً واحتراق

أمي

أنا الفـرس الذي يعدو ويظفر في السباق
وحتى يحين الانطلاق
لكي سأعدو مسرعاً
لا آبه التعب الطويل من الزمن
ولكَم سيزداد الصهيل وصداي صوت الإشتياق

أمي

تعبت من السهـر
ليلي نهاري واحدٌ نفس السياق
وتركت قلبي يعتـصر
وهرمت من أثر الشقاق

لا دمع يغني أو بكاء
عجباً وأحلامي تراق
وعجزت من ترديد ألحان العزاء
أبكـي وكل الناس تبكيني نفاق

أمـي
وهل أجد التي تكون كمثل فؤادكي شيئاً فكيف به طباق !
كلا وربي لن أجد
ففي ابتسامة ثغركي
يكون الناس كلهمو رواق وأنتـِ نورٌ يعتلي سطح الرواق

أمي

شكوت إلى الزمن فرد يرثيني ينوح:
ما بال قلبك غارقٌ في بحر أحزان ويشعر باختناق
فقلت : تركت أمي وحدها ليلاً تئن
فقال: لو أني خُلِقت من الرحم
لما تركت العيش في كنف الحنان
ورضيت عيشاً لا يطاق

أمـي

سأشكو رب موسى وعيسى وإبراهيم ورب نوح
لعل غفار الذنوب يغفرلي ويرحم عبده قبل الفراق

أمي

سأهمس من صدى صوتي كلام
أمــي
أنا الطفـل الجموح
لكن أخاف من الظلام
وأهاب منهم حينما
يصفونني طفل وعاق !

هلا بعطفكـِ أخبريني
كيف لو كفو المـلام !
فالآن صرت بلا فؤاد
وكل ما يحويني جسم فيه روح
جسد بلا قدم وساق